1) استحضار النية
الوسيلة الأولى وهي أهم الوسائل على الإطلاق: استحضار النية وتحديد الهدف. فالناس لا يقرءون وعندهم مشكلة في
القراءة؛ لأنهم لا يعرفون لماذا يقرءون؟ لو عندك امتحان في كتاب معيّن فستقرؤه، أو عندك وظيفة تحتاج إلى معلومات
معيّنة ستذهب وتقرؤها، فالنية هي التي تحدد قدر الثواب الذي ستحصل عليه، فقد تعمل عملاً معيناً تأخذ عليه عشر
حسنات، وقد تعمل نفس العمل بنية أفضل وأكثر تأخذ مائة حسنة أو ألف حسنة، وقد تعمل نفس العمل ويحبط تماماً إذا
لم تكن النية سليمة. فأنا أقرأ؛ لأن الله عز وجل أمرني بالقراءة، قال لي وقال لكل المسلمين بصيغة الأمر المباشر
وبمنتهى الوضوح: (( اقْرَأْ ))؛ ولذلك فأنا أطيع الله عز وجل وأقرأ، بهذا سيتحول كل حرف تقرؤه إلى حسنات. وأنا أقرأ؛ لأنفع نفسي في الدنيا والآخرة؛ فلا فلاح في الدنيا والآخرة بغير العلم. وأنا أقرأ؛ لأنفع من حولي: أولادي وأمي
وأبي وإخواني وأخواتي وأقاربي وأصحابي, ومن أعرف, ومن لا أعرف، فأصبح كحامل المسك لا يجاوره أحد إلا وشم
من طيبه ورائحته. وأنا أقرأ؛ لأنفع أمتي؛ لأن أمة لا تقرأ أمة غير مرهوبة، ومتخلفة عن الركب، ومتبعة لغيرها، لذلك
أنا أقرأ لأجعل أمتي في مقدمة الأمم. فارضاء رب العالمين بقراءتك، ونفعك لنفسك، ولأمتك ولمن تحب من الدوافع
العظيمة التي ستُشعل حماستك للقراءة. فطالما أن هذه النية في ذهنك فلن تغيب عنك الضوابط التي ذُكرت في صدر
سورة العلق؛ فأنت تقرأ باسم الله فلا بد أن تكون قراءتك على هذا المستوى، وأنت لا تتكبر بقراءتك وعلمك؛ لأنك تعلم
أن الله عز وجل هو الذي منّ عليك بهذا الفضل. فلو حرصت على استحضار النية وتحديد الهدف ستكسب في كل قراءة
أشياء في غاية الأهمية: أولاً: ستحصل على الأجر والثواب، كلما تقرأ علماً نافعاً فإنه سيكون لك بكل حرف تقرؤه
حسنة والحسنة بعشر أمثالها، ويزيد الله لمن يشاء، وستكسب ترسيخ المعلومة في ذهنك؛ لأن لها هدف معروف وهدف
نبيل، وستستمتع استمتاعاً حقيقياً بكل ما تقرأ، وهذا ينطبق على العلوم الشرعية وغيرها، سيستمتع قارئ السياسة بما
يقرأ، وقارئ الاقتصاد بما يقرأ، وقارئ التاريخ بما يقرأ. بل سيستمتع كل طالب بالمذاكرة التي يذاكرها، وستختفي معظم
مشاكل الآباء والمدرسين مع الأبناء والطلاب، فالآباء والمدرسون يوجبون على الطلاب المذاكرة دون توجيه النوايا وتحديد
الأهداف فتضيع الساعات والأيام والشهور والسنوات ويخرج الطالب بعد دراسة ستة عشر أو سبعة عشر سنة أقرب إلى
الأمية منه إلى العلم! فضياع الهدف كارثة حقيقية. إن علماء الإدارة يضعون أول شيء يجب أن تعمله لأي مشروع في
حياتك هو تحديد الهدف بوضوح، فهو أهم وسيلة في المحافظة على القراءة.
2)وضع خطة للقراءة وتجنب العشوائية
الوسيلة الثانية: هي وضع خطة للقراءة. لا داعي للقراءة العشوائية، ضع خطة واضحة للقراءة، ولكي تضع خطة
صحيحة لا بد أن تكون على علم بإمكانياتك جيداً، وبالوقت المتاح للقراءة، والكتب المتاحة لديك، وقدرتك على الاستيعاب،
والهدف من القراءة. بعد معرفة كل هذه العناصر ضع خطة واضحة: فمثلاً: سأقر الكتب الخمسة في خلال الأشهر
الستة القادمة، أو الكتب العشرين خلال السنة القادمة أو السنتين القادمتين، فضع الخطة التي تناسبك، واقرأ الكتاب أولاً
بأول، وحاول ألا تغيّر كثيراً في الخطة التي وضعتها لنفسك إلا عند حدوث طوارئ خاصة حقيقية، اتعب أولاً في وضع
الخطة وبعد ذلك التزم بها، والزم الوسط في وضع خطتك، ولا داعي للتفاؤل الكبير جداً فتضع عشرات الكتب في وقت
قليل ثم تفشل في الإنجاز فتحبط، أو تضع كتباً قليلة فيضيع عليك الوقت، كن متوسطاً في خطتك. وليكن لك وقفة كل
عدة أشهر مع نفسك للمتابعة والتقييم: هل كنتُ واقعياً في خطتي أم أن هناك أخطاءً؟ وإذا لم تحقق الإنجاز المطلوب هل
هذا لأن الخطة ليست سليمة أو لأنه قد ظهرت معوقات تمنع من استمرار السير في الخطة بخطى سليمة؟ فكر وانظر
وادرس الوضع الذي كنت فيه، وحاول تعديل خطتك حسب وضعك الذي أنت تستطيع أن تستوعب فيه الخطة الكاملة.
الوسيلة الثالثة: تحديد وقت ثابت للقراءة واستغلال الفراغات البينية
، وهذا يعني ألا تنتظر إلى آخر اليوم لكي تقرأ الذي كان يجب أن تقرأه في أول النهار، ليكن لك وقت معروف ومحدد
قدر ما تستطيع تقرأ فيه، حاول أن يكون ذهنك نشيطاً في هذا الوقت، وتكون فيه مستريحاً حتى تستطيع التركيز وتخرج
بنتيجة، وليس مجرد تأدية واجب. ليكن وقت القراءة -مثلاً- بعد صلاة الفجر إلى الشروق، أو قبل المغرب بساعة، أو
بين المغرب والعشاء، أو بعد العشاء مباشرة أي: حسب ظروفك، حدّد وقتاً معيّناً، وغيّر الوقت حسب الظروف التى
تناسبك في حياتك بحيث لا يكون هذا التغيير متكرر وكثير. استغل الفراغات البينية في حياتك، وهي الفراغات التي بين
الأعمال، إذ أنه عادةً ما يكون هناك فراغ وقتي، حاول أن تستغله في القراءة، فمثلاً: في المواصلات أو في متجرك عند
عدم وجود زبائن، أو في حال انتظارك في عيادة طبيب أو عند حلاق أو في مكتب أو غيره، ستجد أوقاتاً كثيرةً جداً
اجتمعت لك، وليكن كتابك دائمًا معك في كيس أو في حقيبة أو في يدك، وبمجرد أن تجد ربع ساعة فارغة استغلها،
وستجد أن اليوم صار طويلاً وبركته زادت وربنا معك.
محاضرة لــد.راغب السرجانى
---------------------------------------------------------------------------------
يتبع ..
17/8/2011
الوسيلة الأولى وهي أهم الوسائل على الإطلاق: استحضار النية وتحديد الهدف. فالناس لا يقرءون وعندهم مشكلة في
القراءة؛ لأنهم لا يعرفون لماذا يقرءون؟ لو عندك امتحان في كتاب معيّن فستقرؤه، أو عندك وظيفة تحتاج إلى معلومات
معيّنة ستذهب وتقرؤها، فالنية هي التي تحدد قدر الثواب الذي ستحصل عليه، فقد تعمل عملاً معيناً تأخذ عليه عشر
حسنات، وقد تعمل نفس العمل بنية أفضل وأكثر تأخذ مائة حسنة أو ألف حسنة، وقد تعمل نفس العمل ويحبط تماماً إذا
لم تكن النية سليمة. فأنا أقرأ؛ لأن الله عز وجل أمرني بالقراءة، قال لي وقال لكل المسلمين بصيغة الأمر المباشر
وبمنتهى الوضوح: (( اقْرَأْ ))؛ ولذلك فأنا أطيع الله عز وجل وأقرأ، بهذا سيتحول كل حرف تقرؤه إلى حسنات. وأنا أقرأ؛ لأنفع نفسي في الدنيا والآخرة؛ فلا فلاح في الدنيا والآخرة بغير العلم. وأنا أقرأ؛ لأنفع من حولي: أولادي وأمي
وأبي وإخواني وأخواتي وأقاربي وأصحابي, ومن أعرف, ومن لا أعرف، فأصبح كحامل المسك لا يجاوره أحد إلا وشم
من طيبه ورائحته. وأنا أقرأ؛ لأنفع أمتي؛ لأن أمة لا تقرأ أمة غير مرهوبة، ومتخلفة عن الركب، ومتبعة لغيرها، لذلك
أنا أقرأ لأجعل أمتي في مقدمة الأمم. فارضاء رب العالمين بقراءتك، ونفعك لنفسك، ولأمتك ولمن تحب من الدوافع
العظيمة التي ستُشعل حماستك للقراءة. فطالما أن هذه النية في ذهنك فلن تغيب عنك الضوابط التي ذُكرت في صدر
سورة العلق؛ فأنت تقرأ باسم الله فلا بد أن تكون قراءتك على هذا المستوى، وأنت لا تتكبر بقراءتك وعلمك؛ لأنك تعلم
أن الله عز وجل هو الذي منّ عليك بهذا الفضل. فلو حرصت على استحضار النية وتحديد الهدف ستكسب في كل قراءة
أشياء في غاية الأهمية: أولاً: ستحصل على الأجر والثواب، كلما تقرأ علماً نافعاً فإنه سيكون لك بكل حرف تقرؤه
حسنة والحسنة بعشر أمثالها، ويزيد الله لمن يشاء، وستكسب ترسيخ المعلومة في ذهنك؛ لأن لها هدف معروف وهدف
نبيل، وستستمتع استمتاعاً حقيقياً بكل ما تقرأ، وهذا ينطبق على العلوم الشرعية وغيرها، سيستمتع قارئ السياسة بما
يقرأ، وقارئ الاقتصاد بما يقرأ، وقارئ التاريخ بما يقرأ. بل سيستمتع كل طالب بالمذاكرة التي يذاكرها، وستختفي معظم
مشاكل الآباء والمدرسين مع الأبناء والطلاب، فالآباء والمدرسون يوجبون على الطلاب المذاكرة دون توجيه النوايا وتحديد
الأهداف فتضيع الساعات والأيام والشهور والسنوات ويخرج الطالب بعد دراسة ستة عشر أو سبعة عشر سنة أقرب إلى
الأمية منه إلى العلم! فضياع الهدف كارثة حقيقية. إن علماء الإدارة يضعون أول شيء يجب أن تعمله لأي مشروع في
حياتك هو تحديد الهدف بوضوح، فهو أهم وسيلة في المحافظة على القراءة.
2)وضع خطة للقراءة وتجنب العشوائية
الوسيلة الثانية: هي وضع خطة للقراءة. لا داعي للقراءة العشوائية، ضع خطة واضحة للقراءة، ولكي تضع خطة
صحيحة لا بد أن تكون على علم بإمكانياتك جيداً، وبالوقت المتاح للقراءة، والكتب المتاحة لديك، وقدرتك على الاستيعاب،
والهدف من القراءة. بعد معرفة كل هذه العناصر ضع خطة واضحة: فمثلاً: سأقر الكتب الخمسة في خلال الأشهر
الستة القادمة، أو الكتب العشرين خلال السنة القادمة أو السنتين القادمتين، فضع الخطة التي تناسبك، واقرأ الكتاب أولاً
بأول، وحاول ألا تغيّر كثيراً في الخطة التي وضعتها لنفسك إلا عند حدوث طوارئ خاصة حقيقية، اتعب أولاً في وضع
الخطة وبعد ذلك التزم بها، والزم الوسط في وضع خطتك، ولا داعي للتفاؤل الكبير جداً فتضع عشرات الكتب في وقت
قليل ثم تفشل في الإنجاز فتحبط، أو تضع كتباً قليلة فيضيع عليك الوقت، كن متوسطاً في خطتك. وليكن لك وقفة كل
عدة أشهر مع نفسك للمتابعة والتقييم: هل كنتُ واقعياً في خطتي أم أن هناك أخطاءً؟ وإذا لم تحقق الإنجاز المطلوب هل
هذا لأن الخطة ليست سليمة أو لأنه قد ظهرت معوقات تمنع من استمرار السير في الخطة بخطى سليمة؟ فكر وانظر
وادرس الوضع الذي كنت فيه، وحاول تعديل خطتك حسب وضعك الذي أنت تستطيع أن تستوعب فيه الخطة الكاملة.
الوسيلة الثالثة: تحديد وقت ثابت للقراءة واستغلال الفراغات البينية
، وهذا يعني ألا تنتظر إلى آخر اليوم لكي تقرأ الذي كان يجب أن تقرأه في أول النهار، ليكن لك وقت معروف ومحدد
قدر ما تستطيع تقرأ فيه، حاول أن يكون ذهنك نشيطاً في هذا الوقت، وتكون فيه مستريحاً حتى تستطيع التركيز وتخرج
بنتيجة، وليس مجرد تأدية واجب. ليكن وقت القراءة -مثلاً- بعد صلاة الفجر إلى الشروق، أو قبل المغرب بساعة، أو
بين المغرب والعشاء، أو بعد العشاء مباشرة أي: حسب ظروفك، حدّد وقتاً معيّناً، وغيّر الوقت حسب الظروف التى
تناسبك في حياتك بحيث لا يكون هذا التغيير متكرر وكثير. استغل الفراغات البينية في حياتك، وهي الفراغات التي بين
الأعمال، إذ أنه عادةً ما يكون هناك فراغ وقتي، حاول أن تستغله في القراءة، فمثلاً: في المواصلات أو في متجرك عند
عدم وجود زبائن، أو في حال انتظارك في عيادة طبيب أو عند حلاق أو في مكتب أو غيره، ستجد أوقاتاً كثيرةً جداً
اجتمعت لك، وليكن كتابك دائمًا معك في كيس أو في حقيبة أو في يدك، وبمجرد أن تجد ربع ساعة فارغة استغلها،
وستجد أن اليوم صار طويلاً وبركته زادت وربنا معك.
محاضرة لــد.راغب السرجانى
---------------------------------------------------------------------------------
يتبع ..
17/8/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق